الجمعة، 29 يناير 2010

عندما تشفى الأرواح وتسمو القلوب




لله ما أروع بدائع هذا الكون وأبهاه

لو صحت منا القلوب، ونظرت إليه نظرة صحيحة..!

تعيش مع هذه الآيات التي تتوالى على ناظريك على مدار 

الساعة

فكأنما تكتشف في كل مرة قارة جديدة فيها العجائب.. التي

 تجعلك تلهج بذكر الله تعالى

ومن عاش مع الله بقلبه متفكرا.. وجد متعته حيث لا يجدها

 الآخرون!
-
تُرى من رفع هذا السقف العجيب فوق رؤوسنا بلا أعمدة

 تسنده؟!

تُرى من شق ظلمة الليل الحالكة، ليولد هذا الفجر البديع 

الضاحك.. !؟

ترى من صفى وجه السماء، حتى لتبدو وكأن الملائكة

 غسلتها والناس نيام.. !؟

ترى مَن علّـم العصفور هذا التغريد الشجي.. !؟

ومَن ألهم النحل هذا النظام الفريد.. ؟!

ومن ملّـح البحار بهذه الملوحة الحافظة.. ؟!

ومَـن أبدعَ الشفق.. ولوّن الغروب..

وأخرج الغسق.. ونوّر القمر إذا اتسق.

. ؟!!

مَن شقق الضياء.. وجلى الضحى ضاحكاً..

وأظلم الليـل.. وصفّى السماء حتى تكاد تبتسم. !؟

تُرى من كوّم الغيوم.. وسيّر الماء سيولاً وثلوجاً فوق رؤوس 

الخلائق، ثم أنزلها بقدر حيث يشاء، وعلى من يشاء، كيف 

يشاء.. ؟!

تُرى من صور الجنين بهذا التنسيق العجيب المبهر في ظلمات 

ثلاث!!؟

تُرى من أحيا.. ومن أمات.. !؟

من يعز بعد إذلال، ومن يذل بعد إعزاز.. !؟

من يفقر يعد غنى.. ومن يغني يعد فقر.. ؟!

من يرفع.. من يخفض.. من يعطي.. من يمنع.. ؟! من.. ومن.. 

ومن.. الخ

إذا لم تكن هذه المشاهد كلها.. بل كل مشهد فيها.. مهيجة 

للقلب إلى معرفة الله - سبحانه -، والحب له، والتعلق به، 

والتسبيح باسمه ليل نهار، والعمل من أجله، وفي سبيل 

تحصيل مرضاته مع الأنفاس،..

إذا لم يكن الأمر كذلك..

فإن هذا القلب يحتاج إلى أن يبكي، ويئن، ويتضرع، ويشكو 

إلى الله مواته!

وعليه من جهة أخرى:

أن لا ييأس فإن الله يحيي الأرض وهي رميم.. !

فإذا استفاق القلب، وتنوّر وأضاء، وأشرق بنور ربه - تعالى - 

رأى بعين بصيرة واضحة، في كل شيء يمر به آية..

وفي ل مشهد علامة وبرهان.. وفي كل حادث حديث متفرع 

شجي..

أتأمل هذه الخواطر وأتابعها فيصح عندي قول القائل:

قلوبُ العارفين لها عيونٌ **** ترى ما لا يُرى للناظرينا

ومن ثم..

فإن هذا الإنسان يمضي مرفوع الرأس، ويحيا في الدنيا عزيزاً 

كريماً، كأنه ليس من أهلها..

الناس في واد، وهو (بقلبه) في واد أرقى وأعلى،،

مع أنه بجسده معهم، يحتك بهم، ويسمع منهم، ويبتسم لهم، 

ويصبر عليهم .. ويعجب مما منه يعجبون، ولكن قراءته للأشياء 

مختلفة تماماً..

ترى متى نصل إلى هذا المقام الرفيع، وهذه الذرى العالية 

لنرى في كل شيء آية.. ؟

آية تشدنا إلى ربنا جل جلاله.. فلا نكاد نغفل عنه حيثما كنا.. 

؟!

تأملْ صحيفات الوجود فإنها *** من الجانب الأعلى إليك 

رسائلُ

فقد خُطّ فيها إن تأملتْ خطها *** ألا كل شيءٍ ما خلا اللهَ 

باطلُ

وقال الآخر:

كلّ ما في الكون من بحرٍ وبرْ **** لوح تعليمٍ لأرباب النظرْ

نسأل الله أن يجعلنا من أرباب النظر، أُولي العقول والبصائر

الأربعاء، 27 يناير 2010

إلى متى يا نفسي ???





إلى متى يا نفسي هذا التمادي وأنت تعلمين المصير والمآل؟! ما هذا الكسل وهذا الجبن؟ ما هذا الفتور الذي تعيشينه؟ إنه لا يخفى عليك الأجر العظيم للطائفين الذاكرين الساجدين الصائمين المنفقين المستغفرين بالأسحار، ومع ذلك كله سيطر عليك الشيطان وقيد همتك.


والأعظم من ذلك أنك يا نفسي تخشين الموت ولا يفارقك أبداً، تفكرين به ليل نهار قائمة قاعدة في أسعد الأوقات وفي أمرها تتمنين أنك لم تخلقي. تتساءلين دائما متى سيهجم عليك هادم اللذات وكيف وأنت وعلى أي حال وعلى أي عمل؟ ومع ذلك كله تفرطين .

ترجين أنك في ركب الصالحين ولست منهم تتلذذين في مناجاة الله في الأحلام فقط. تضعين لك برنامجاً للصعود إلى الكرام البررة في الأحلام فقط أيضاً، وتسعدين بهذه الأحلام وأنت جالسة راكنة إلى هواك، قيدك الشيطان بذنوبك.

تشعرين بالذنب عند اقترافه ويحز فيك ولا تزالين تفكرين فيه وتستغفرين منه، ومع ذلك تتجرئين مرة أخرى على نفس الذنب ونفس المعصية، وتعلمين علم اليقين أن ذلك مسجل في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وتعلمين كذلك أنه لا طاقة لك على حر نار الله الموقدة.

ربما قد غرتك رحمة الله والواسعة فلا تتصورين أنك ستقذفين في تلك النار، ألم تعلمي يا نفسي أن الله ذو مغفرة واسعة وذو عذاب شديد؟

إحذري يا نفسي من أن تضيعك مصيبة الموت أو تصيبك مصيبة عظيمة ومن بعدها تفيقين من سباتك وتخرجين من كسلك.

فأرجعي ارجعي إلى بارئك، ارجعي إلى رياض ربك، ارجعي إلى رب غفور ودود حليم يحب الطائعين ويرزقهم أمنا وطمأنينة وسعادة وانشراح صدر.

هلمي هلمي قبل فوات الأوان، هلمي هلمي يا نفسي إني لكِ ناصح وإني عليكِ خائف وجل.


فاللهم اصلح لي نفسي، وأهدها إلى طريقك ورشدك.اللهم ردني إليك رداً جميلا وتب علي واغفر لي تفريطي وزللي وإسرافي في أمري إنك جواد كريم.


الخميس، 14 يناير 2010

من يبكى عليك ?







يقول الله سبحانه وتعالى حين أهلك قوم فرعون:

(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ)

روى ابن جرير في تفسيره عن بن عباس رضي الله عنه في هذه الآية:

أن رجلاً قال له: يا أبا العباس رأيت قول الله تعالى :

"فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين "

فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟

فقال رضي الله عنه : نعم إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا وله باب في

السماء منه ينزل رزقه ومنه يصعد عمله

فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد به عمله

وينزل منه رزقه فقد بكى عليه..

وإذا فقده مصلاه في الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عز وجل

فيها بكت عليه.

قال ابن عباس : أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً .

فقلت له: أتبكي الأرض ؟

قال: أتعجب؟!!!

وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود..

وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها كدوي

النحل..

وحين تعمر مكانك وغرفتك بصلاة وذكر وتلاوة كتاب الله عز وجل فهي

ستبكي عليك يوم تفارقها قريباً أو

بعيدا..

فسيفقدك بيتك وغرفتك التي كنت تأوي إليها سنين عدداً ستفقدك

عاجلاً أو آجلاً..

فهل تراها ستبكي عليك؟!!


الجمعة، 8 يناير 2010

دعاء مظلوم







عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم  معاذا إلى اليمن فقال: " اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب " البخاري 




فالدعاء سلاح فريد وقوي يملكه المظلوم فما إن يرفع المظلوم يديه إلى السماء إلا و يأتيه الرد من الملك العزيز الجبار الله سبحانه وتعالى مباشرة: " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " 





فأي سلاح هذا وأي قوة أعطاها الله سبحانه للمظلومين والمقهورين والمستضعفين, والله لو يعلم الظالم قوة وأثر هذا السلاح بيد المظلوم لما ظلمه قط و ما تجرأ على ذلك, 






رفعت يدي إلى الله وقلت يا رب أغلقت الأبواب إلا بابك وانقطعت الأسباب إلا إليكولا حول ولا قوة إلا بك يا رب اللّهم إنّي ومن ظلمني من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرّنا ومستودعنا ، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطلع على نيّاتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا . 



اللهم ان الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك، اللهم أنى أستغيث بك بعدما خذلني كل مغيث من البشر، وأستصرخك إذا قعد عنى كل نصير من عبادك، وأطرق بابك بعد ما أغلقت الأبواب المرجوة، اللهم انك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً. 



يا رب ها أنا ذا يا ربي أسير سجين في يدي الظالم، مغلوب مبغيّ عليّ مظلوم، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك ً وغدر بي وطعنني القريب الصديق، فاستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك. 


فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً، عالماً أنّه ﻻ فرج إلاّ عندك، ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنّك قلت وقولك الحق الذي ﻻ يردّ ولا يبدل: ( وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) وقلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك، وكيف أمن به وأنت عليه دللتني، فاستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد. 


وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنّك ﻻ يسبقك معاند، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت، ولكن ضعفي ﻻ يبلغ بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك يا ربي فوق كلّ قدرة، وسلطانك غالب على كل سلطان، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته. 


يا رب أنى أحب العفو لأنك تحب العفو فإن كان في قضائك النافذ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ظلمني به، فأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة وتب عليه وأعفو عنه يا كريم. 



يا رب الظالم ملك أسباب القوة في الدنيا وأنا عبيدك لا أملك إلا إيماني بك وتوكلي عليك ودعائي 



يا رب تمنيت لمن ظلمني الهداية والتوبة وتمنى هلاكي وتدميري ولا حول ولا قوة إلا بك فمن يا رب على دعوة عبيدك المسكين الفقير بوعزتى وجلالك لأنصرنك ولو بعد حين 







يا رب